أنا موجود، ماذا عنك أنت؟ - ارشيف موقع جولاني
الجولان موقع جولاني الإلكتروني


أنا موجود، ماذا عنك أنت؟
إياد مداح – 04\10\2009
دائما ما ميز مجتمعنا وجود شريحة "رمادية جدا"، ليس مغلوبا على أمرها، بل لونها هو خيار اختياري يتيح لها ألا تربح وألا تخسر بتوسطها "الأبيض والأسود"، المشوشين دائما.

مؤخرا، ومع أخذ "قضية" أراضي الوقف منحى جديدا راحت تلك الشريحة تأخذ لونا آخر، دون الذوبان في أي من الأبيض والأسود، حائكة عباءة جديدة يلوذ بها من كانوا للأمد القريب بلا ألسنة ولا تقاسيم وجوه.

نهض المارد المختبىء، واختبأ من كانوا بالأمس لا ينفكون يتنطحون الى تحرير بلاد الواق واق، وما أبعدها.

أجل، المميز في "هبة إحقاق العدل" هو غياب عرابي "الوطنية" في الجولان، من كل الأطياف، لا أعرف أين كانوا جميعا، لا أتذكر أنه في هذه الفترة كانت هناك حفلات وطنية أو زيارات تضامن إلى أي مكان، ربما مناسبة هنا وهناك، ولكن، دائما هناك متسع من الوقت.

لست غاضبا ولا حزينا لأنهم لا يستغلون فرصة استيقاظ ذلك المارد لصالح تحريك قضايا كثيرة تحتاج تظافرنا ونخوتنا جميعا، لأني واثق أنهم سيكونون أول المتآمرين، يسعد مساكم وين ما كنتو، ابقوا حيث أنتم، فكل شيء جميل الآن، ولأول مرة أرى في مجدل شمس شيئا اسمه "تعددية" "حرية رأي" "فرصة عادلة، ولو بالكلام"، رأيت وجوها عابسة حزينة و مترقبة.
تغير المشهد الرمادي، وان كانت الغلبة للوجوه الحزينة المنتظرة، إنما لا بأس، عادي، "بتصير".

- مأساة؟ أجل مأساة، أنا لا أملك مترا مربعا يستوعب حلمي، وحيث نعيش، الملكية والبيت في كفة وكل الكون وما يحيط به من كوراث في كفة، نختصر معاناة ملايين في العالم ونضيق بالمكان ويخطر لنا القول أحيانا: فليذهب الكون كله الى الجحيم مقابل أن يبقى بيتي متعرشا، وان مالت وردة من حديقة جاري واتكأت على جدار داري فالويل للورد والويل لجاري. لكن، ألا نتذكر أنه "إن كان جارك بخير فأنت بخير والكون جارنا"؟

- أنا رمادي، بالأمس أحدهم سطى على أرض جدي، يعرف الجميع أنها أرض جدي، لكن جدي كان قليل الحيلة، كان طيبا إلى درجة أنه كان يحب جاره فأمنه على أرضه، وللعلم جدي لم يكن يملك ماعزا تسرح وتمرح، جدي كان فلاحا يحصد ويزرع أو يزرع ويحصد أو لا أعرف أي الفعلين يقع أولا، "فنحن بدأنا ننسى"، أساسا، لمن هذه الأرض؟

- أعتذر للذين اعتقدوا أنني سأطرح حلا لقضية أراضي الوقف، لم أفكر يوما بذلك، أكثر ما يثلج صدري، في هذه الفترة هو أنني بدأت أرى وجوها جديدة جمعتها النخوة وربما الحاجة، تلك الوجوه التي أصلتها أشعة الشمس وغيبت لونها وغيبتها عن الأمكنة، لفترة طويلة، لتصبح الأمكنة بدونها خراب وها هي تعود بذات اللون الذي اشتقنا لرؤيته.

- يريحني أننا لا نشتري مدافن لنا، كما الحال في مناطق كثيرة، المدافن جاهزة دائما لنا والمدافن لا ترتحل، على الأقل هكذا كانت الحال سابقا، لا أعرف الآن، ربما نسمع أن بيت التل هو ملكية خاصة ونجد أنفسنا نحمل رفاتنا ونركض لنختبىء في نهر ما حيث لا تراب.

- بدأت الآن بحملة لتغيير لون وجهي، غيرت عنواني، أنا الآن موجود.